صحيفة إسرائيلية: هكذا أصبح فشل نتنياهو تجاه إيران مزدوجاً

الحقيقة التاريخية هي أن إسرائيل بدأت تحدد البرنامج النووي الإيراني كتهديد مستقبلي منذ عهد إسحق رابين رئيساً للوزراء. عملياً، كان التهديد المحتمل من طهران أحد تعليلات رابين التي لا تذكر في صالح اتفاق أوسلو، إذ إنه تطلع لحل المسألة الفلسطينية كي يركز على التهديد الأصعب.
لكن يقال في صالح بنيامين نتنياهو إنه بالفعل وضع إيران على رأس الأجندة منذ أن تسلم منصبه رئيساً للوزراء. فقد سعى نتنياهو، في الأصل، إلى تجنيد الولايات المتحدة والعالم لفرض عقوبات، إلى جانب تطوير قدرة عسكرية لمهاجمة المنشآت، إذا لم يجدِ الضغط الاقتصادي والدبلوماسي نفعاً. وكان تقدير المهنيين أن هجوماً في إيران سيعرقل تطوير المشروع بثلاث حتى خمس سنوات.
سواء أكان التهديد الإسرائيلي حقيقياً أم أن نتنياهو لوح فقط بأداة فارغة في كل أرجاء العالم، فقد بلغت سياسته ذروة نجاحها أواخر 2015. حصل هذا حين وقعت القوى العظمى مع إيران على اتفاق استهدف إجمالاً إبعادها نحو 15 سنة عن نيل القنبلة. أكثر بكثير مما كان يمكن تحقيقه في هجوم عسكري.
وقد تحقق الاتفاق ليس لأن إسرائيل طالبت به أو فرضته، بل بسبب مصالح القوى العظمى ومصالح إيران، لكن للسيف الإسرائيلي المهدد، مثلما أيضاً لإعلاء الموضوع الإيراني للعالم الدبلوماسي من نتنياهو ومبعوثيه، كانت له مساهمة في رغبة كل المشاركين للوصول إلى صفقة.
لو كان نتنياهو سياسياً حقيقياً يعترف بقدرات إسرائيل وقيودها، مثلما بقدراته وبقيوده أيضاً، لكان يفترض به أن يعرف بأن الاتفاق هو الأفضل من بين كل الأمور الممكنة. فضلاً عن ذلك، كان يمكن لنتنياهو أن يتباهى به على أنه أكبر إنجازاته. في الـ 15 سنة التي سيتأخر فيه المشروع الإيراني، كان يمكن محاولة العمل على تغيير النظام وتوثيق المعلومات الاستخبارية عن هجوم أو حتى الاقتراب منه. 15 سنة زمن طويل، وبالتأكيد بتعابير عالم يتغير بسرعة. لكن نتنياهو هو من كان له كل شيء، ومع ذلك أراد أكثر. فقد فضل إسقاط الاتفاق، ودخول ترامب إلى البيت الأبيض ساعده في إقناع الولايات المتحدة على التنكر للاتفاق.
بدون الاتفاق، تقدمت إيران نحو النووي أكثر. وقد اجتازت الحافة التي عرضها نتنياهو في خطابه الشهير في الأمم المتحدة كخط أحمر. اليوم، حين تنشر أنباء عن تفاهمات متجددة ستتحقق بين الأمريكيين والإيرانيين، واضح أنها ستكون أقل جودة من الاتفاق إياه؛ وواضح أساساً بأن إسرائيل لم يعد بإمكانها العمل في إيران، سواء لأسباب داخلية أم من ناحية التحفظ الدولي على ذلك.
إن تفويت الإنجاز الذي سبق أن تحقق مع إيران هو آخر الفشل التاريخي لنتنياهو بصفته رئيساً للوزراء. هذا التفويت يتناسب والتسرع الذي خطب فيه أمام الكونغرس في 2002 حين حث الأمريكيين على إسقاط حكم صدام حسين، وليس فقط إضعافه، دون أن يفهم بأن العراق كان أيضاً قوة كابحة للإيرانيين، قوة اختفت.
أما الآن فقد بات الأوان متأخراً؛ فالمعارضة التي أعرب عنها مكتب نتنياهو هذا الأسبوع على التفاهمات الجديدة بين الولايات المتحدة وإيران لم تعد تؤثر في أحد.
إن التفويت في المسألة الإيرانية يقف بقدر كبير من خلاف الهزات في السياسة الداخلية في إسرائيل. إن ميل نتنياهو إلى السياسة الشعبوية والاستقطابية تعاظم بالتوازي مع الزمن الذي فقدنا فيه الطريق إلى وقف إيران: بدون وضع المسألة الإيرانية على الأجندة لم يتبقَ له سوى كيف يبرر حكمه بالتغييرات اللازمة ظاهراً في داخل الدولة.
إن الفشل تجاه إيران مزدوج: إسرائيل فشلت في إبعاد الإيرانيين على القنبلة، وعلقت في حروب داخلية تضعفها وتشرخها، بقدر لا يقل عن أي رد إيراني كان يمكن له أن يأتي لو كنا هاجمناها.
آفي شيلون
يديعوت أحرونوت 17/8/2023